حين يعلو الصوت، يختفي المعنى

 في زاويةٍ من زوايا الضوء، يعلو صوتٌ لا يبحث عن السمع، بل عن الصدى. يظن أن الارتفاع يمنحه وزنًا، وأن الضجيج يكسوه هيبة. يتحدث لا ليُفهم، بل ليُخشى، متناسياً أن الجبال لا تصرخ، ومع ذلك تُهاب.


في حضرة الآخرين، ينسى أن الصمت كان يومًا رفيقه، وأنه كان يمر بينهم كنسمةٍ لا تُرى ولا تُسمع. لكنه الآن، وقد امتلك نبرةً تُشبه المطرقة، يطرق بها جدران المكان، لا ليبني، بل ليُثبت أنه موجود.


لكن، هل الصوت العالي دليل حضور؟ أم أنه ستارٌ يُخفي خواءً داخليًا؟ وهل السيطرة تُقاس بعلو النبرة، أم بقدرة المرء على أن يُنصت حين يجب الإنصات؟


ربما القوة الحقيقية لا تُعلن نفسها، بل تُلمَح في طريقة الوقوف، في اختيار الكلمات، في احترام المساحة التي يشغلها الآخرون. وربما من ينسى ماضيه، يكرر أخطاءه بصوتٍ أعلى.


هكذا، يبقى السؤال معلقًا: هل الصوت العالي يُسمع أكثر، أم يُفقد المعنى؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحلم الأزرق

الخواجة عبدالقادر

الشيطان يحكم ..