في الثامنة والثلاثين: حين ظننت أني اخترت
في الثامنة والثلاثين: حين ظننت أني اخترت
أتممت هذا الشهر عامي الثامن والثلاثين. رقم لا يبدو كبيرًا في ظاهره، لكنه يحمل في طياته وقفات تأمل لا تُحصى. يوماً بعد يوم، يتردد في ذهني أن الزمن لا يتوقف، والماضي لا يعود، والمستقبل لا يُعرف. وكلما نظرت إلى الوراء، أدركت أن ما صار وما كان في حياتي لم يكن لي فيه اختيار حقيقي، بل ظننت فقط أنني اخترت.
كم من طريق سلكته وأنا أظنه قراري، ثم اكتشفت لاحقًا أنه كان نتيجة ظرف، أو استجابة لحاجة، أو انسياقًا خلف توقعات الآخرين. كم من موقف ظننته حرية، ثم تبين أنه قيد مغلف بلغة الخيار.
لكن في هذه اللحظة، وأنا أراجع رحلتي، أجد أن الحرية الحقيقية لم تكن في اختيار الطريق، بل في طريقة السير فيه. في ردود فعلي، في صبري، في كلماتي، في صمتي، في نظرتي لما يحدث. وهنا فقط، أستعيد شيئًا من إرادتي، وأدرك أنني ما زلت أملك القدرة على إعادة تعريف نفسي، ولو لم أملك تغيير الماضي.
الزمن لا ينتظر، نعم. لكنه يمنحنا كل يوم فرصة جديدة لنكتب سطرًا مختلفًا.
والماضي لا يعود، لكنه يترك لنا دروسًا لا تندثر.
والمستقبل مجهول، لكنه ليس فارغًا من الإمكانية. هو صفحة تنتظر قلمنا، لا قدرًا مكتوبًا فقط.
في عامي الثامن والثلاثين، لا أحتفل بالإنجازات، ولا أندب الخسائر. بل أختار أن أكون أكثر وعيًا، أكثر صدقًا، وأكثر امتنانًا. أختار أن أكتب نفسي من جديد، لا أن أكررها.
تعليقات
إرسال تعليق
رافعين معنوياتي . رأيك يهمني . ردك يسعدني .