هل عشت فعلاً ما شعرت به؟

هل عشت فعلاً ما شعرت به؟

في لحظة تأمل صامتة، يقف الإنسان أمام ذاته متسائلًا: هل كل ما شعرت به في حياتي كان حقيقيًا؟ هل الحب الذي ظننت أني عرفته، والصداقة التي ظننت أنها احتوتني، كانت مشاعر أصيلة أم مجرد ظلال مرت بي دون أن أراها بوضوح؟

تبدأ الأسئلة في التسلل: من هو صديقي الحقيقي؟ هل أحببت يومًا؟ هل شعرت فعلًا بما تعنيه الأبوة أو البنوة أو الأخوة؟ أم أنني فقط عشت هذه العلاقات دون أن أختبر جوهرها؟ أحيانًا يبدو وكأن الذاكرة قد محَت كل أثر لتلك الأحاسيس، أو أنني لم أكن حاضرًا بما يكفي لألتقطها حين مرت.

لكن هذا الفراغ لا يعني بالضرورة أنني لم أشعر. ربما كانت المشاعر موجودة، لكنني لم أكن أملك اللغة أو الوعي الكافي لأُسميها. وربما كانت خافتة، مختبئة خلف ضجيج الحياة، أو محمية خلف جدران الدفاع النفسي التي بنتها التجارب.

الصدق مع النفس في هذه اللحظة ليس ضعفًا، بل هو شجاعة نادرة. أن تعترف بأنك لا تعرف، أن تبحث عن إحساس حقيقي قبل أن تنتهي الرحلة، هو دليل على حياة داخلية نابضة، حتى وإن بدت ساكنة من الخارج.

المشاعر لا تأتي دائمًا في صورها الكلاسيكية. الحب قد يظهر في خوف صامت، والصداقة قد تتجلى في موقف بسيط، والأبوة قد تُختصر في نظرة، والأخوة قد تُختبر في لحظة تضامن. ما نبحث عنه ليس الشكل، بل الجوهر.

والآن، في هذه المرحلة من العمر، يصبح التركيز على اللحظة دعوة صادقة للمشاعر أن تخرج من الظل. أن تُختبر بصدق، أن تُعاش دون خوف، أن تُسمى بأسمائها الحقيقية. فربما، في لحظة غير متوقعة، نشعر بما كنا نظن أننا لم نشعره قط.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحلم الأزرق

الشيطان يحكم ..

الخواجة عبدالقادر