عباقرة ومجانين
انتهيت من قراءة كتاب ( عباقرة ومجانين ) لـ رجاء النقاش
وكعادتي أني لا امر مرور الكرام هكذا عند انتهائي من قراءة أي كتاب كان ، أو حتى لو كانت مجرد كلمات .
فكما أني قرأت وتذوقت ذلك الجمال ، أحب أن أدع الأخرين يتذوقوه .
من خلال نشري لرابط الكتاب لكي يسهل على الجميع تحميلة دون عناء البحث عنه .
مع اضافة ايضا بعضا مما اقتبسة منه . ذلك لأن هناك كلمات تستحق أكثر من القراءة .
بل تستحق ايضا اعادة الكتابة .
الكتاب في البداية كانت بدايتة معي هو اسمة الذي احببتة دون معرفتي بما يحتوية .
ولم أعرف ماهية الكتاب وعن ماذا يحكي وماذا يروي .
هذا لأني مؤمن تماما بأن هؤلاء المجانين عقلاء فيما بينهم . وبأننا بالنسبة اليهم مجانين .
وهذا ما كنت قد اشرت اليه في ( يصف نفسة بالجنون متباهيا .. ) ، ايضا دائما ما اجعل شعاري هو : اني مجنون وسط العاقلين ، عاقل وسط المجانين .
وهذا يجعلني اقرب الى الجنون مما انا اقرب اليه الى العقل .
ودائما ما كان موضوع هؤلاء الصامتين ، الضاحكين ، الذين تعلو الابتسامة وجوههم دائما . يثير اهتمامي ويزيد حيرتي . وقد اشرت ايضا الى تلك الشخصيات التي عايشتها والتي كانت بالنسبة للأخرين جنونا ولكن لي كان موضوع اهتمام . وجدت فيه تساؤلات وبدأت معه في التحليلات والكتابات .
وكتبت عنهم لأنهم بالفعل استحقوا الكتابة وأكثر من مجرد كلمات مني وصفتها بالشخابيط .
( وا لا هوو .. ) ( شخص من الماضي يعيش في مستقبل لا يعرف عنة شيء .. ) ( رجل لم أعرفة )
لذلك فقد اثار عنوان الكتاب فضولي .
وبدأت في القراءة واذا به هذا الكاتب يثير موضوع اهم كثيرا من مجرد شخصيات مجانين كانت او عباقرة ، ولم أكن اتوقع ان تكون البداية بتلك الطريقة ، ولم يكن في خاطري وفكري ان الكاتب يسعى الى ما هو ارقى من مجرد حكاوي عن شخصيات .
فمن بداية الكتاب تجد الاهم ( اهم ممن كنت تتصورة ) ثم بعد اسرسالك في القراءة تجد الأهم والأهم .
وكانت بداية كلمات الكاتب ( منذ سنوات طويلة وأنا ألاحظ أن كثيرين من أبناء الأجيال العربية الجديدة ، حتى بين المتعلمين وخرجي الجامعات ، ينظرون إلى الأدب والفكر والثقافة نظرة سلية ، فهم يتصورون أن الثقافة بصورة عامة هي شيء ثقيل الظل ، مرهق للعقل والنفس ، ولذلك فإن الثقافة الخفيفة وحدها هي التي تثير اهتماما الأجيال الجديدة ، وهذة الثقافة الخفيفة هي الأفلام الترفيهية والغناء والموسيقى السهلة والعروض المسرحية الضاحكة ........ )
وهذا بالفعل هو الواقع المرير الذي نعيش فية ، ولا أقتصر تلك الكلمات أو اوجها لأحدا ما ، إلا أنني أوجهها لنفسي في المقام الأول والأخير .
أنا الذي كنت أسعى دائما وراء الثقافة ، فكم كنت أتمنى ان أكون ذلك الشخص المثقف الذي يمتلك من المعلومات ما يكفية لأن يتحدث في أي موضوع كان .
ولكن كان يخيل لي أنة سوف يأتي يوما ما أذهب فيه إلى الفراش لأنام وعندما استيقظ أجد نفسي ذلك المثقف.
أو أنه يوجد ذلك المشروب المسمى بالثقافة أشربة لأصبح ممتلأ بالكم الكافي من تلك المعلومات .
ويا لي من ساذج عندما أتخيل بأن الموضوع بهذا البساطة وتلك السهولة .
وأن ذاك المثقف ولدت من بطن أمه مثقفا .
ولكن المشكلة أيضا لم تكن تقتصر علي أنا وحدي ، وهذا كما أشار الكاتب أيضا عندما قال ( .. ولا شك عندي أن شباب هذة الأيام ليسوا هم وحدهم المسئولين عن هذة الظاهرة السلبية في حياتنا الثقافية ، فكثيرون من الأدباء والكتاب قد ساهموا في خلق هذة الظاهرة ، وذلك عندما اتجه هؤلاء الأدباء والكتاب إلى التعقيد في التعبير والتفكير ، حتى أصبحت الثقافة العامة وكأنها نوع من الحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة على إنسان بريء لا ذنب له ولا جريمة ) .
وبعد أن انتهيت من قراءة تلك المقدمة ، وجدت نفسي سعيدا إلى أبعد الحدود .
رغم أن صفحات الكتاب كثيرة . ويبدو بأن الموضوع ليس بالبسيط وليس بالمتمع .
فمجرد أنه سيأتي ببعض من تلك الشخصيات ليبدأ في حكاية قصتها وهكذا .
ولكن كانت مقدمة الكاتب وكأنها رسالة إلى كل قاريء ( لا تخف ولا تهرب الموضوع ليس كما تتصور وليس بتلك الصعوبة كما تتخيل ) .
وعرفت منذ البداية بأني سوف أجد بعضا من ما كنت باحثا عنه في هذا الكتاب .
سأحاول أن ابدأ في اقتباس بعضا من الكلمات التي أشرت اليها اعلاه والتي تستحق القراءة واعادة كتابتها لاعادة قرائتها . الكاتب يحكي عن الشخصيات معطي لكل منها حقها الوافي الشافي الذي لا يدعك تتسائل كثيرا حول كل شخصية . بل واضاف اسلوبة الخاص في سرد تفاصيل الشخصية وكأنها قصة منفصلة تستحق لوحدها كتابا .
الشاعرة سافو
( انه سعيد ذلك الرجل الذي يجلس ويراك بعينية أمامة .. إنه يجلس بالقرب منك ويستمع إليك وهو معقود اللسان ، وأنت تتحدثين حديثك الفضي وتضحكين ضحك الحبيب في غير صوت عال ) .
( إن هذا وحدة يكفي لأن يثير قلبي المجروح في صدري ويملأ نفسي بالإضطراب ، لأني إذا رأيتك لحظة قصيرة خشع صوتي من فوري ، وانعقد لساني ، وسرت في ضلوعي نار يحس بها كل من حولي ، ولا تبصر عيناي شيئا ، وتطن أذني أمواج من الصوت عالية ويتصبب جسمي عرقا فيجري أنهارا . وترتجف جميع أعضائي ، ويصبح لوني أكثر اصفرارا من لون العشب في الخريف ، وتنتابني آلام الموت المترصد لي فاضطرب وأضل في سكرات الحب ) .
( وقد خط الزمن علي جسدي خطوطا كثيرة ، ولم يعد الحب إليَّ بما يحملة من هدايا ) .
( الآن قد غاب القمر ، وكذلك الكواكب السبعة ، انتصف الليل ، وزمن الانتظار فات ، وأنا أنام وحدي ) .
تلك كانت جزءا من بعضا من أشعارها . وجدت بها ذلك الوصف الذي يكفي لأن نعرف من خلالة ما هو الحب . الحب الصادق بمعناه الأشمل لكل شيء .
انهى الكاتب هذة الشخصية بقولة : تلك هي أول شاعرة عرفها التاريخ ، وقد كانت ومازالت إلى اليوم رمزا للتعبير الحار الصادق عن عاطفة الحب التي هي – في صورتها السامية – أرقى عواطف الإنسان
الإمبراطور اوكتافيوس والشاعر أوفيد
كل منهم استحق رواية قصتة وهذا ما فعلة الكاتب . وهذة المرة جعل الكاتب العنوان هوا ما جمعهم سويا .
ثورة العاشقين . حيث أن تلك الثورة حدثت من خلال الشاعر أوفيد في عصر الإمبراطور اوكتافيوس .
ولكن ما شد انتباهي هنا وأردت أن أشير أليه وهو . أن الإمبراطور اوكتافيوس والذي لقبة الناس بـ أغسطس ومعناه الكبير أو العظيم والذي ظل يحكم الأمبراطورية الرومانية ما يزيد عن 40 سنة ، أراد أن يعيد النظام إلى البلاد بعد أن قد انتصر على انطونيو و كليوباترا ، أراد أن يضع قوانين اقتصادية وأمنية تضمن لها الازدهار وتحقق السعادة للمواطنين . كان أيضا قويا وطموحا يعيش حياه ليس بها ترف ولا رفاهية ، فلم يكن يأكل سوى الطعام البسيط مثل الجبن والخضراوات والخبز الجاف . وبعيدا ‘ن أنه كان يشكو من بعض الأمراض لذلك فقد كان يعالج نفسة بالتقشف الشديد في الطعام . فالنتيجة تبقى واحدة وهو أنه كان لا يأكل كثيرا ويلتزم البساطة في كل أساليب حياتة المختلفة . وبذلك أستطاع أن يحافظ على صحتة وصفاء ذهنة وقوة ارادتة .
وهنا يوضح لنا تماما الفرق بين النجاح والفشل الذي نعيش فيه هذة الأيام .
وكان الإمبراطور يدرك أن كل إصلاحاتة لن يكون لها قيمة إذا لم يكن هناك نظام أخلاقي راسخ يلتزم به الأفراد . وبدون هذا النظام الأخلاقي ممكن أن ينهار المجتمع .
وكانت روما في تلك الأيام وثنية ، ولم يكن هناك سوى أقلية من اليهود أما المسيحية فلم تكن قد ظهرت بعد بما تحملة من مباديء أخلاقية لتنظيم العلاقة بين الناس ، مما جعل الإمبراطور يفكر في وضع نظام أخلاقي يلتزم به الناس حتى لا تعم الفوضى ويشيع الانحلال .
حرص علة أن يضع قوانين واضحة ودقيقة تنظم العلاقات الانسانية في المجتمع مثل الزواج والميراث وما الى ذلك ، وكذلك هذة القوانين تشدد العقوبات على الانحرافات الأخلاقية ، ومن هذة القوانين أنها كانت تشجع على زيادة النسل ....
أدركها الإمبراطور وأخذ في البحث عن معايير أخلاقية يلتزم بها الجميع . وكأنه أخذ يبحث عن دين جديد يدعو إلى مكارم الأخلاق أليس ما يطلبة هذا الحاكم هو الاسلام . اكاد أجزم بان كل ما كان يسعى إلية هو الاسلام لا شيء غيرة .
ونحن المسلمين لا نستوعب مدى أهمية الالتزام بديننا للحفاظ على انفسنا ، وأخلاقنا ، وحياتنا .
كان أيضا الإمبراطور يبذل كل ما يستطيع لتشجيع الشعراء للحديث عن الأهداف الجدية للحياه والانسان ، وان يلفتوا نظر المواطنين الى معاني العمل والانتاج وما تعطية هذة المعاني لحياة الانسان من بهجة وقيمة رفيعة .
ليس كحالنا اليوم . الذي يستغل الشاعر موهبتة ليجعلها كبداية الهلاك لأجيال . ( لا أقصد جميع الشعراء )
وبعد كل ما سبق وفي وسط تلك الأحداث ظهر هذا الشاعر أوفيد الذي رفض كل تلك القوانين الصارمة والتي وجدها غير محتملة وانها جعلت الحياه شاقة لا تطاق .
وبان الحياه موجودة ليتمتع بها الجميع . بكل شكل وبكل وسيلة .
وهكذا قاد أوفيد ثورة العاشقين في روما ، فكتب للرجال والنساء أجمل قصائد الحب ، وكان الكثيرون يحفظون هذة القصائد ويرددونها ويجدون فيها متعة كبيرة ، فهي قصائد تحضرهم على المتعة والبهجة والاقبال عليها بنهم مع التحرر من كل القيود . الا انه كان على الشاعر ايضا ان يدفع الثمن لأن الثورة كان خطرا شديدا على النظام الاجتماعي الذي تعب فية الامبراطور في بنائة وفرضة على الناس
انهى الكاتب كلماتة قائلا : وتمر الأيام والأجيال وينسى الناس ما في شعر أوفيد من دعوة إلى التحرر المطلق الذي يبلغ حد الفوضى والاستهتار ، ولكنهم يذكرون ما بقى في شعر أوفيد من جمال عذب وصور فنية رائعة واحساس مشتعل بما في الحياه من بهجة ودعوة إلى التفائل والإقبال على الدنيا في حرارة ونشوة .
لقد انتهى أوفيد الفوضوي المعادي لكل نظام أخلاقي سليم وبقى أوفيد الشاعر الفنان حيث اجتازت أشعارة أكثر من ألفي سنة لتصل إلى عصرنا الحالي وهي أشد نضارة وأكثر حيوية مما كانت علية في سالف العصور والأزمان .
كاليجولا
أقوى أسباب الظلم هو أن يتحكم في المجتمعات الانسانية أشخاص لا يردعهم قانون ، ولا يستطيع أن يسألهم أحد عما يفعلون . وتؤدي بهم هذة السلطة المطلقة إلى فساد مطلق لا يقيم وزنا لدماء الناس أو أعراضهم أو أموالهم أو حقهم في أن يعيشوا آمنين مطمئنين ماداموا لم يخطئوا أو يرتكبوا أي جريمة في حق الآخرين .
انهى الكاتب كلماتة قائلا : والحكمة الأخيرة التي نخرج بها من قصة كاليجولا هي أن الصفحات الدامية القائمة على العنف والقسوة في تاريخ الانسان اكثر من تلك الصفحات الجميلة المشرقة القائمة على العدل والقانون واحترام الناس والمحافظة على كرامة البشر .. ان معظم صفحات التاريخ الانساني مكتوبة بالدم ، ومازال الانسان حتى يومنا هذا يعمل ويكافح حتى يتخلص من الظلم الذي ينشر ظلالة في شتى بقاع العالم ، ويملأ الدنيا والقلب الانساني بالاحزان في كل مكان .
تشاترتون
نشر قصائدة تحت أسم شخص أخر . ليجد الاهتمام أو لكي تأتي بعضا من الأضواء علية . أو يأتي هو تحت تلك الأضواء . وقد انتشر شعرة تحت اسم ذاك الشخص الذي ادعى انها كلماتة .
بحث عن النجاح . بحث عن مستمع . ولكن لم يكن الموضوع سهلا وبسيطا كما كان يتخيل .
وهذا كما هو حال الكثيرين . ( من أقصدة تماما هو أنا ، فهل من مستمع )
انهى الكاتب كلماتة قائلا : وبعد انتحارة اخذ الباحثون والدارسون للأدب يعيدون النظر في انتاجة ، وفي تلك الأشعار الجميلة التي كانت ينسبها للآخرين ، وقد أثبتت الدراسات الأدبية أن هذة الكتابات هي كلها من إبداع تشاترتون وحده . ومن هنا بدأ هذا العبقري الصغير المنتحر يحتل مكانتة الرفيعة في تاريخ الأدب الانجليزي والأدب الانساني .
لقد وصل إلى المجد الذي كان يحلم به ، ولكن بعد أن قضى على حياتة بيدية ، وابتلع السم القاتل وفضل ذلك على قسوة الحياة واستهانتها بموهبتة الجميلة .
فهل من الضروري ان ينتحر الانسان ليعترف به العالم . ليعترف به في الحياه .
هل هذا مصير كل حالم ، وهل سيكون هذا هو حالي .
إلى هنا وأتوقف عن الاقتباس . فيبدو بأن الكتاب بكل ما فيه يستحق الاقتباس .
وكما ذكرت ، فإن هناك بعض الكلمات تستحق القراءة واعادة الكتابة .
ولكن يبدو بأني لا أستطيع أن أكون عادلا عندما أقتبس البعض وأترك البعض الأخر .
ولكي لا أطيل على من يقرأ تلك الشخابيط .
فسأضيف رابط تحميل الكتاب ، لكل من يحب أن يتعمق في تلك الشخصيات العباقرة والمجانين .
ولكل من يحب أن يقرأ القصص ، فكل شخصية هي بحد ذاتها قصة .
كما أن الكاتب لم يجعل الموضوع وكأنة منفصل كل شخصية بما يخصها .
بل بعض الأحيان تجده يحكي عن ثورة كانت وكيف بدأت ومن بدأها ويبدأ في سرد الأحداث ومن بينها تجده يضيف تلك القصة الرومانسية أو ذاك الموقف السياسي أو تلك المشاعر الانسانية .
لتحميل الكتاب اضغط هنا
وكعادتي أني لا امر مرور الكرام هكذا عند انتهائي من قراءة أي كتاب كان ، أو حتى لو كانت مجرد كلمات .
فكما أني قرأت وتذوقت ذلك الجمال ، أحب أن أدع الأخرين يتذوقوه .
من خلال نشري لرابط الكتاب لكي يسهل على الجميع تحميلة دون عناء البحث عنه .
مع اضافة ايضا بعضا مما اقتبسة منه . ذلك لأن هناك كلمات تستحق أكثر من القراءة .
بل تستحق ايضا اعادة الكتابة .
الكتاب في البداية كانت بدايتة معي هو اسمة الذي احببتة دون معرفتي بما يحتوية .
ولم أعرف ماهية الكتاب وعن ماذا يحكي وماذا يروي .
هذا لأني مؤمن تماما بأن هؤلاء المجانين عقلاء فيما بينهم . وبأننا بالنسبة اليهم مجانين .
وهذا ما كنت قد اشرت اليه في ( يصف نفسة بالجنون متباهيا .. ) ، ايضا دائما ما اجعل شعاري هو : اني مجنون وسط العاقلين ، عاقل وسط المجانين .
وهذا يجعلني اقرب الى الجنون مما انا اقرب اليه الى العقل .
ودائما ما كان موضوع هؤلاء الصامتين ، الضاحكين ، الذين تعلو الابتسامة وجوههم دائما . يثير اهتمامي ويزيد حيرتي . وقد اشرت ايضا الى تلك الشخصيات التي عايشتها والتي كانت بالنسبة للأخرين جنونا ولكن لي كان موضوع اهتمام . وجدت فيه تساؤلات وبدأت معه في التحليلات والكتابات .
وكتبت عنهم لأنهم بالفعل استحقوا الكتابة وأكثر من مجرد كلمات مني وصفتها بالشخابيط .
( وا لا هوو .. ) ( شخص من الماضي يعيش في مستقبل لا يعرف عنة شيء .. ) ( رجل لم أعرفة )
لذلك فقد اثار عنوان الكتاب فضولي .
وبدأت في القراءة واذا به هذا الكاتب يثير موضوع اهم كثيرا من مجرد شخصيات مجانين كانت او عباقرة ، ولم أكن اتوقع ان تكون البداية بتلك الطريقة ، ولم يكن في خاطري وفكري ان الكاتب يسعى الى ما هو ارقى من مجرد حكاوي عن شخصيات .
فمن بداية الكتاب تجد الاهم ( اهم ممن كنت تتصورة ) ثم بعد اسرسالك في القراءة تجد الأهم والأهم .
وكانت بداية كلمات الكاتب ( منذ سنوات طويلة وأنا ألاحظ أن كثيرين من أبناء الأجيال العربية الجديدة ، حتى بين المتعلمين وخرجي الجامعات ، ينظرون إلى الأدب والفكر والثقافة نظرة سلية ، فهم يتصورون أن الثقافة بصورة عامة هي شيء ثقيل الظل ، مرهق للعقل والنفس ، ولذلك فإن الثقافة الخفيفة وحدها هي التي تثير اهتماما الأجيال الجديدة ، وهذة الثقافة الخفيفة هي الأفلام الترفيهية والغناء والموسيقى السهلة والعروض المسرحية الضاحكة ........ )
وهذا بالفعل هو الواقع المرير الذي نعيش فية ، ولا أقتصر تلك الكلمات أو اوجها لأحدا ما ، إلا أنني أوجهها لنفسي في المقام الأول والأخير .
أنا الذي كنت أسعى دائما وراء الثقافة ، فكم كنت أتمنى ان أكون ذلك الشخص المثقف الذي يمتلك من المعلومات ما يكفية لأن يتحدث في أي موضوع كان .
ولكن كان يخيل لي أنة سوف يأتي يوما ما أذهب فيه إلى الفراش لأنام وعندما استيقظ أجد نفسي ذلك المثقف.
أو أنه يوجد ذلك المشروب المسمى بالثقافة أشربة لأصبح ممتلأ بالكم الكافي من تلك المعلومات .
ويا لي من ساذج عندما أتخيل بأن الموضوع بهذا البساطة وتلك السهولة .
وأن ذاك المثقف ولدت من بطن أمه مثقفا .
ولكن المشكلة أيضا لم تكن تقتصر علي أنا وحدي ، وهذا كما أشار الكاتب أيضا عندما قال ( .. ولا شك عندي أن شباب هذة الأيام ليسوا هم وحدهم المسئولين عن هذة الظاهرة السلبية في حياتنا الثقافية ، فكثيرون من الأدباء والكتاب قد ساهموا في خلق هذة الظاهرة ، وذلك عندما اتجه هؤلاء الأدباء والكتاب إلى التعقيد في التعبير والتفكير ، حتى أصبحت الثقافة العامة وكأنها نوع من الحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة على إنسان بريء لا ذنب له ولا جريمة ) .
وبعد أن انتهيت من قراءة تلك المقدمة ، وجدت نفسي سعيدا إلى أبعد الحدود .
رغم أن صفحات الكتاب كثيرة . ويبدو بأن الموضوع ليس بالبسيط وليس بالمتمع .
فمجرد أنه سيأتي ببعض من تلك الشخصيات ليبدأ في حكاية قصتها وهكذا .
ولكن كانت مقدمة الكاتب وكأنها رسالة إلى كل قاريء ( لا تخف ولا تهرب الموضوع ليس كما تتصور وليس بتلك الصعوبة كما تتخيل ) .
وعرفت منذ البداية بأني سوف أجد بعضا من ما كنت باحثا عنه في هذا الكتاب .
سأحاول أن ابدأ في اقتباس بعضا من الكلمات التي أشرت اليها اعلاه والتي تستحق القراءة واعادة كتابتها لاعادة قرائتها . الكاتب يحكي عن الشخصيات معطي لكل منها حقها الوافي الشافي الذي لا يدعك تتسائل كثيرا حول كل شخصية . بل واضاف اسلوبة الخاص في سرد تفاصيل الشخصية وكأنها قصة منفصلة تستحق لوحدها كتابا .
الشاعرة سافو
( انه سعيد ذلك الرجل الذي يجلس ويراك بعينية أمامة .. إنه يجلس بالقرب منك ويستمع إليك وهو معقود اللسان ، وأنت تتحدثين حديثك الفضي وتضحكين ضحك الحبيب في غير صوت عال ) .
( إن هذا وحدة يكفي لأن يثير قلبي المجروح في صدري ويملأ نفسي بالإضطراب ، لأني إذا رأيتك لحظة قصيرة خشع صوتي من فوري ، وانعقد لساني ، وسرت في ضلوعي نار يحس بها كل من حولي ، ولا تبصر عيناي شيئا ، وتطن أذني أمواج من الصوت عالية ويتصبب جسمي عرقا فيجري أنهارا . وترتجف جميع أعضائي ، ويصبح لوني أكثر اصفرارا من لون العشب في الخريف ، وتنتابني آلام الموت المترصد لي فاضطرب وأضل في سكرات الحب ) .
( وقد خط الزمن علي جسدي خطوطا كثيرة ، ولم يعد الحب إليَّ بما يحملة من هدايا ) .
( الآن قد غاب القمر ، وكذلك الكواكب السبعة ، انتصف الليل ، وزمن الانتظار فات ، وأنا أنام وحدي ) .
تلك كانت جزءا من بعضا من أشعارها . وجدت بها ذلك الوصف الذي يكفي لأن نعرف من خلالة ما هو الحب . الحب الصادق بمعناه الأشمل لكل شيء .
انهى الكاتب هذة الشخصية بقولة : تلك هي أول شاعرة عرفها التاريخ ، وقد كانت ومازالت إلى اليوم رمزا للتعبير الحار الصادق عن عاطفة الحب التي هي – في صورتها السامية – أرقى عواطف الإنسان
الإمبراطور اوكتافيوس والشاعر أوفيد
كل منهم استحق رواية قصتة وهذا ما فعلة الكاتب . وهذة المرة جعل الكاتب العنوان هوا ما جمعهم سويا .
ثورة العاشقين . حيث أن تلك الثورة حدثت من خلال الشاعر أوفيد في عصر الإمبراطور اوكتافيوس .
ولكن ما شد انتباهي هنا وأردت أن أشير أليه وهو . أن الإمبراطور اوكتافيوس والذي لقبة الناس بـ أغسطس ومعناه الكبير أو العظيم والذي ظل يحكم الأمبراطورية الرومانية ما يزيد عن 40 سنة ، أراد أن يعيد النظام إلى البلاد بعد أن قد انتصر على انطونيو و كليوباترا ، أراد أن يضع قوانين اقتصادية وأمنية تضمن لها الازدهار وتحقق السعادة للمواطنين . كان أيضا قويا وطموحا يعيش حياه ليس بها ترف ولا رفاهية ، فلم يكن يأكل سوى الطعام البسيط مثل الجبن والخضراوات والخبز الجاف . وبعيدا ‘ن أنه كان يشكو من بعض الأمراض لذلك فقد كان يعالج نفسة بالتقشف الشديد في الطعام . فالنتيجة تبقى واحدة وهو أنه كان لا يأكل كثيرا ويلتزم البساطة في كل أساليب حياتة المختلفة . وبذلك أستطاع أن يحافظ على صحتة وصفاء ذهنة وقوة ارادتة .
وهنا يوضح لنا تماما الفرق بين النجاح والفشل الذي نعيش فيه هذة الأيام .
وكان الإمبراطور يدرك أن كل إصلاحاتة لن يكون لها قيمة إذا لم يكن هناك نظام أخلاقي راسخ يلتزم به الأفراد . وبدون هذا النظام الأخلاقي ممكن أن ينهار المجتمع .
وكانت روما في تلك الأيام وثنية ، ولم يكن هناك سوى أقلية من اليهود أما المسيحية فلم تكن قد ظهرت بعد بما تحملة من مباديء أخلاقية لتنظيم العلاقة بين الناس ، مما جعل الإمبراطور يفكر في وضع نظام أخلاقي يلتزم به الناس حتى لا تعم الفوضى ويشيع الانحلال .
حرص علة أن يضع قوانين واضحة ودقيقة تنظم العلاقات الانسانية في المجتمع مثل الزواج والميراث وما الى ذلك ، وكذلك هذة القوانين تشدد العقوبات على الانحرافات الأخلاقية ، ومن هذة القوانين أنها كانت تشجع على زيادة النسل ....
أدركها الإمبراطور وأخذ في البحث عن معايير أخلاقية يلتزم بها الجميع . وكأنه أخذ يبحث عن دين جديد يدعو إلى مكارم الأخلاق أليس ما يطلبة هذا الحاكم هو الاسلام . اكاد أجزم بان كل ما كان يسعى إلية هو الاسلام لا شيء غيرة .
ونحن المسلمين لا نستوعب مدى أهمية الالتزام بديننا للحفاظ على انفسنا ، وأخلاقنا ، وحياتنا .
كان أيضا الإمبراطور يبذل كل ما يستطيع لتشجيع الشعراء للحديث عن الأهداف الجدية للحياه والانسان ، وان يلفتوا نظر المواطنين الى معاني العمل والانتاج وما تعطية هذة المعاني لحياة الانسان من بهجة وقيمة رفيعة .
ليس كحالنا اليوم . الذي يستغل الشاعر موهبتة ليجعلها كبداية الهلاك لأجيال . ( لا أقصد جميع الشعراء )
وبعد كل ما سبق وفي وسط تلك الأحداث ظهر هذا الشاعر أوفيد الذي رفض كل تلك القوانين الصارمة والتي وجدها غير محتملة وانها جعلت الحياه شاقة لا تطاق .
وبان الحياه موجودة ليتمتع بها الجميع . بكل شكل وبكل وسيلة .
وهكذا قاد أوفيد ثورة العاشقين في روما ، فكتب للرجال والنساء أجمل قصائد الحب ، وكان الكثيرون يحفظون هذة القصائد ويرددونها ويجدون فيها متعة كبيرة ، فهي قصائد تحضرهم على المتعة والبهجة والاقبال عليها بنهم مع التحرر من كل القيود . الا انه كان على الشاعر ايضا ان يدفع الثمن لأن الثورة كان خطرا شديدا على النظام الاجتماعي الذي تعب فية الامبراطور في بنائة وفرضة على الناس
انهى الكاتب كلماتة قائلا : وتمر الأيام والأجيال وينسى الناس ما في شعر أوفيد من دعوة إلى التحرر المطلق الذي يبلغ حد الفوضى والاستهتار ، ولكنهم يذكرون ما بقى في شعر أوفيد من جمال عذب وصور فنية رائعة واحساس مشتعل بما في الحياه من بهجة ودعوة إلى التفائل والإقبال على الدنيا في حرارة ونشوة .
لقد انتهى أوفيد الفوضوي المعادي لكل نظام أخلاقي سليم وبقى أوفيد الشاعر الفنان حيث اجتازت أشعارة أكثر من ألفي سنة لتصل إلى عصرنا الحالي وهي أشد نضارة وأكثر حيوية مما كانت علية في سالف العصور والأزمان .
كاليجولا
أقوى أسباب الظلم هو أن يتحكم في المجتمعات الانسانية أشخاص لا يردعهم قانون ، ولا يستطيع أن يسألهم أحد عما يفعلون . وتؤدي بهم هذة السلطة المطلقة إلى فساد مطلق لا يقيم وزنا لدماء الناس أو أعراضهم أو أموالهم أو حقهم في أن يعيشوا آمنين مطمئنين ماداموا لم يخطئوا أو يرتكبوا أي جريمة في حق الآخرين .
انهى الكاتب كلماتة قائلا : والحكمة الأخيرة التي نخرج بها من قصة كاليجولا هي أن الصفحات الدامية القائمة على العنف والقسوة في تاريخ الانسان اكثر من تلك الصفحات الجميلة المشرقة القائمة على العدل والقانون واحترام الناس والمحافظة على كرامة البشر .. ان معظم صفحات التاريخ الانساني مكتوبة بالدم ، ومازال الانسان حتى يومنا هذا يعمل ويكافح حتى يتخلص من الظلم الذي ينشر ظلالة في شتى بقاع العالم ، ويملأ الدنيا والقلب الانساني بالاحزان في كل مكان .
تشاترتون
نشر قصائدة تحت أسم شخص أخر . ليجد الاهتمام أو لكي تأتي بعضا من الأضواء علية . أو يأتي هو تحت تلك الأضواء . وقد انتشر شعرة تحت اسم ذاك الشخص الذي ادعى انها كلماتة .
بحث عن النجاح . بحث عن مستمع . ولكن لم يكن الموضوع سهلا وبسيطا كما كان يتخيل .
وهذا كما هو حال الكثيرين . ( من أقصدة تماما هو أنا ، فهل من مستمع )
انهى الكاتب كلماتة قائلا : وبعد انتحارة اخذ الباحثون والدارسون للأدب يعيدون النظر في انتاجة ، وفي تلك الأشعار الجميلة التي كانت ينسبها للآخرين ، وقد أثبتت الدراسات الأدبية أن هذة الكتابات هي كلها من إبداع تشاترتون وحده . ومن هنا بدأ هذا العبقري الصغير المنتحر يحتل مكانتة الرفيعة في تاريخ الأدب الانجليزي والأدب الانساني .
لقد وصل إلى المجد الذي كان يحلم به ، ولكن بعد أن قضى على حياتة بيدية ، وابتلع السم القاتل وفضل ذلك على قسوة الحياة واستهانتها بموهبتة الجميلة .
فهل من الضروري ان ينتحر الانسان ليعترف به العالم . ليعترف به في الحياه .
هل هذا مصير كل حالم ، وهل سيكون هذا هو حالي .
إلى هنا وأتوقف عن الاقتباس . فيبدو بأن الكتاب بكل ما فيه يستحق الاقتباس .
وكما ذكرت ، فإن هناك بعض الكلمات تستحق القراءة واعادة الكتابة .
ولكن يبدو بأني لا أستطيع أن أكون عادلا عندما أقتبس البعض وأترك البعض الأخر .
ولكي لا أطيل على من يقرأ تلك الشخابيط .
فسأضيف رابط تحميل الكتاب ، لكل من يحب أن يتعمق في تلك الشخصيات العباقرة والمجانين .
ولكل من يحب أن يقرأ القصص ، فكل شخصية هي بحد ذاتها قصة .
كما أن الكاتب لم يجعل الموضوع وكأنة منفصل كل شخصية بما يخصها .
بل بعض الأحيان تجده يحكي عن ثورة كانت وكيف بدأت ومن بدأها ويبدأ في سرد الأحداث ومن بينها تجده يضيف تلك القصة الرومانسية أو ذاك الموقف السياسي أو تلك المشاعر الانسانية .
لتحميل الكتاب اضغط هنا
تعليقات
إرسال تعليق
رافعين معنوياتي . رأيك يهمني . ردك يسعدني .