كلمني ..

في هذا الظلام الدامس .. الذي لا أرى فية شيء ..
لا أرى حتى يدي ..
أسمع فقط .. وأحس بالأشياء ..
وأتذكر الماضي .. وتدور في عقلي بعض الذكريات ..
ومن بين الذكريات الكثيرة ..
أجد أمامي صورة حبيبتي ..
التي لا أعرف هل كانت فعلا حبيبتي أم أنا من جعلتها حبيبتي ..
ولكنها من بين الجميع تذكرتها ..
وأتسائل وأسأل نفسي .. هل أنا من يحاول بأن يتذكرها ؟؟
أم أنها تأتي صورتها في مخيلتي غصبا عني ؟؟
وهل هذا معقول ؟!
ولكن لا مشكلة .. سأتكلم وأحكي بعضا من الوقت عنها ..
وسأبدأ من البداية ..
وكل شيء عنها حقيقة ..
حبيبتي التي أتكلم عنها أسمها أميرة ..
وكانت فعلا أميرة حياتي .. أو أنا من جعلتها كذلك ..
أجلستها على كرسي العرش في مملكتي وألبستها تاج حياتي ..
لتمتلك كل شيء ..
لتمتلك قلبي وعقلي .. تمتلك كل تفكيري وكل إحساسي ..
لتجعلني العاقل الوحيد بيني وبين نفسي ..
والمجنون الوحيد بين الجميع ..
ولم أكن أعرف هل أنا عاقلا أم مجنونا ..
ولم أكن أهتم كثيرا ..
فقد جعلني حبها راضيا على وضعي معها هكذا ..
ولكن في النهاية فكرت وعرفت الحقيقة ..
والحقيقة سأذكرها في نهاية القصة ..
وبداية القصة كانت في يوم من تلك الأيام التي تشبه بعضها ..
ولم أكن أعرف أن في هذا اليوم سوف يحدث شيء مختلف عن باقي الأيام ..
فاليوم كان كبقية الأيام ..
أقف مفكرا أو لم أكن أفكر في شيء ..
ولكني أقف أتأمل في هذة الدنيا الكبيرة ..
سيارات تذهب هكذا وأخرى تقف هناك ..
وبشر يتكلمون وأخرون يمشون وهناك أيضا الواقفون ..
ومع كل تلك الزحمة وكل هؤلاء البشر ..
أرى أميرة ..
ولم أعرف ما الذي أحسست به أو شعرت به ..
ولكنها أخذت نظري لها وحدها ..
وجعلت عقلي يفكر فيها وحدها ..
وتحركت يمينا وشمالا .. ذهابا وأيابا ..
ونظري معها وعيني لا تفارق خطواتها ..
وتقف فجأة لأقف أنا أيضا أمامها ..
بعيدا عنها ولكني أمامها .. قريبا منها ومقابلا لها ..
لأرى عينها .. ولكن ليس هكذا ..
لم أراها كباقي العيون ..
فقد رأيتها تحت ضوء الشمس اللامع ..
لتجعل من عيناها كلؤلؤتين أو جوهرتين لامعتين ..
لأتأمل وأفكر فيهما وفي لونهما ..
وأسأل نفسي ما لونهما ؟؟
وفجأة وأنا تائة في تلك العيون الساحرة ...


فجأة ..
أجدها تركب تلك السيارة التي ستأخذها حيث لا أعرف أين ..
ركبت تلك السيارة التي قد تجوز أن تجعلها حلما أو ذكرى بالنسبة إلي ..
ركبت تلك السيارة التي ستجعلها النهاية ..
ولم أعرف وقتها ماذا أفعل أو ماذا سأفعل ؟؟
ولكني ذهبت إلى تلك السيارة كالمجنون ..
أسترق النظرات ..
وأمشي وأتمشى حول تلك السيارة ..
أحاول بأن أستفيد وأستفاد من هذا الوقت القليل الذي تنتظرة السيارة (( الميكروباص )) ليكتمل عدد الركاب ..
ولكن ما من فائدة ..
أقترب وقت النهاية .. وسوف تذهب حبيبتي تلك الأميرة من أمام عيني .. ولن أراها ثانية ..
ولا أستطيع بأن أتحدث معها ..
ولكن ما من مشكلة فأنا أشكر الله بأني رأيتها ورأيت عيناها ..
وأقف أمام شباكها لأنظر لها بالقرب منها ..
ثم أذهب بعيدا لأنظر إليها من بعيد إلى أن تذهب ..
ولكن فات الوقت وأنتهى ..
أغلق باب الميكروباص ..
وبدأ المحرك في التشغيل ..
وأنطلقت السيارة (( الميكروباص )) ..
وأنا أتابعها من بعيد ..
وفجأة .. وبين كل تلك النظرات ..
وبعد كل ذلك .. تحدث مفاجأة لم أكن أتوقعها ..
مفاجأة غيرت كل شيء ..
قلبت موازين الأمور .. وجعلت أميرة هي الأميرة ..
وجعلتها هي حبيبتي ..
أرى ورقة صغيرة تطير من شباك السيارة ..
لتسقط متطايرة على الطريق ..
ولم أفكر ما هذة الورقة وما بها وكيف هي ..
ولكني جريت مسرعا نحوها ..
لألتقطها من بين تلك العجلات المسرعة ..
وقبل أن تذهب بعيدا .. أمسكها بيدي ..
لأجد بها ..

كلمني ( رقم تليفونها )

لم أصدق نفسي وقتها ..
أهذا معقول .. هل فعلا ما يحدث حقيقي ؟؟
أهناك أمل أن أتحدث معها لأسمع صوتها ؟؟
لأعبر لها عن مدى حبي لها ..
عن مدى إعجابي بها ..
لأغازلها .. وأخبرها عن جمالها ..
لأتحدث وأتكلم بلا نهاية ..
وأضحك بصوت عال ..
ولا ألق بالا لأحد من الموجودين ..
لا أرى أمامي .. سوى ما حدث فقط ..
صورتها وعيناها وورقتها هم فقط ما أفكر فيهم ..
أفكر في ماذا سأقول لها أو ماذا سأخبرها أو كيف سأكلمها ..
أضحك قائلا (( مش معقول )) ..
فليس معقولا ما حدث ..
في هذا الوقت القليل جدا .. الذي مر سريعا ..
أحب وأجن وأيأس وأفرح وأحزن ..
كل شيء حدث لي في تلك اللحظات القليلة ..
أضحك قائلا (( سيبوني )) ..
و أتركوني لوحدي .. فاليوم رأيت ما لم أتوقعة في حياتي ..
اليوم أحببت .. فقط اليوم .. وليس في أي يوم مضى ..
اليوم وجدت كل شيء وحصلت على كل شيء ..
أضحك قائلا (( كفاية )) ..
ويكفي لعب ويكفي ضحك ويكفي حزن ..
يكفي أفعال ليس لها معاني ..
ويكفي كلمات متناثرة متناقضة ..
يكفي هي فقط حبيبتي ..

أقف تائها مع نفسي ..
أبتسم وأنا أتذكر وجهها أمامي وعيناها ..
أتذكر تلك الورقة الصغيرة وما هو مكتوب فيها ..
أسرح بعيدا في خيالي لأراها ..
لأرى مستقبلي معها .. مستقبلي المجهول الذي لا أعرفة ..
لأرى ابتسامتها الرقيقة الخفيفة ..
أفكر في شخصيتها وطبيعتها وجرأتها ..
كيف هو تفكيرها ..
وكيف أنا بالنسبة لها ..
كيف تفكر هي الآن ؟؟
وتزداد الأسئلة في عقلي ..
ليتوقف عقلي عاجزا عن التفكير ..
وليأمرني فقط بأن أقطع الشك باليقين ..
وبأن أكلمها وأتحدث معها .. لأسمعها وأحدثها ..
وعندما أتصلت بالرقم ..
أسمع الصوت المعروف عند الإتصال وأنتظر الرد ..
أنتظر هذا الصوت الذي سيسحرني بقية حياتي ..
أنتظر وعقلي ينتظر وقلبي ينتظر ..
ومع هذا الصوت .. صوت التليفون مع صوت دقات قلبي .. أسمع صوتها ..
لأتوقف أقل من لحظة تائها في جمال صوتها ..
وبعدها أتكلم وكأنني لم أتكلم سابقا ..
أتكلم وأتكلم دون توقف ..
أتكلم واخبرها عن مدى جمالها ورقتها وجمال عيونها ..
عن مدى إعجابي بها ..
عن كيف أني أحببتها ..
وكيف أحببتها منذ النظرة الأولى مع إقتناعي التام بأنة لا يوجد حب هكذا .. ولكن معها أيقنت بأن هناك حب قبل حتى النظرة الأولى .
أتكلم معها ولا أريد بأن أتوقف عن الكلام ..
أحب بأن أستمع إلى صوتها ولكن لا أستطيع بأن أتوقف عن الكلام ..
أنسى كل شيء عن الذوق وعن آداب الحديث ..
أنسى وأتناسى كل شيء ..
وكأنها لحظات قليلة سوف تنتهي مني أريد فيها أن أخبرها بكل ما رأيتة فيها ..
تريد بأن تتكلم ؟؟
ولكن عن ماذا تتكلم ..
جمالها هو من يتكلم ..
عيناها هي التي تتكلم .. هي التي تخبر عما تريد بأن تحكية ..
عن ماذا تتكلم .. وكل ما فيها يتكلم ..
صمتها يتكلم ..
وفي نهاية كلامي .. أطلب منها بأن أتحدث إليها ثانية ..
وليس فقط ثانية بل كل يوم ..
وربما أكثر من ذلك .. لأغازلها فقط ..
ولأخبرها عن شيئا جميلا بها ..
لأن كل ما بها جميلا ..
إنتهت المكالمة .. ولكن لم تنتهي كلماتي ..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحلم الأزرق

ملعون أبوها الحمامة أم غصن زتون ..

الشيطان يحكم ..